"الغارديان": احتجاز كاتب أسترالي في مطار أمريكي يثير جدلاً حول حرية التعبير
"الغارديان": احتجاز كاتب أسترالي في مطار أمريكي يثير جدلاً حول حرية التعبير
احتجزت سلطات الهجرة الأمريكية الكاتب الأسترالي أليستير كيتشن الأسبوع الماضي لدى وصوله إلى مطار لوس أنجلوس الدولي، قبل أن ترحّله إلى مدينة ملبورن، في واقعة أثارت ردود فعل حقوقية وسياسية، وسط اتهامات باستهدافه بسبب مواقفه المؤيدة لفلسطين.
وذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية الأربعاء، أن كيتشن، وهو طالب دراسات عليا سابق في جامعة كولومبيا، قال إن ضباط الحدود الأمريكيين أخبروه صراحة بأن احتجازه جاء بسبب كتاباته حول الاحتجاجات الجامعية المؤيدة لفلسطين، مضيفًا أنهم استجوبوه لأكثر من 30 دقيقة حول آرائه بشأن إسرائيل، وفلسطين، وحركة حماس.
فيما رفضت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية هذه المزاعم، ووصفتها بأنها "كاذبة بشكل لا لبس فيه"، مؤكدة أن كيتشن مُنع من الدخول لأنه قدّم معلومات كاذبة في نظام التصاريح الإلكترونية للسفر (ESTA)، حيث أجاب بالنفي على سؤال يتعلق بتعاطي المخدرات، ثم اعترف لاحقًا بشراء الماريغوانا في نيويورك، وتعاطيها في دول أخرى.
وقال متحدث باسم الوزارة: "استخدام نظام ESTA امتياز، وليس حقًا، وسيتم الترحيب فقط بمن يحترمون قوانيننا ويتبعون الإجراءات".
“القلم الأمريكية” تعلق
أدانت منظمة "القلم الأمريكية" المعنية بالدفاع عن حرية التعبير، ترحيل كيتشن، واعتبرته مثيرًا للقلق الشديد، وقالت المنظمة: "من الصادم أن يُمنع كاتب من دخول البلاد بسبب آرائه بشأن الاحتجاجات الطلابية أو مواقفه من فلسطين وإدارة ترامب"، مضيفة أن الأمر يعكس نمطًا مقلقًا من تدقيق السلطات الأمريكية في المعتقدات السياسية للزوار.
أشار كيتشن إلى أن استهدافه قد يكون مرتبطًا بمقال نشره في مدونته "Kitchen Counter" هذا العام، انتقد فيه اعتقال وزارة الأمن الداخلي للناشط محمود خليل من مخيم كولومبيا للتضامن مع غزة، واصفًا الولايات المتحدة بـ"الدولة الفاشية الجديدة" التي "تسعى لترحيل المعارضة".
كما أشار إلى أمر تنفيذي أصدرته إدارة ترامب في يناير، تعهّدت فيه بملاحقة المتعاطفين مع حماس في الجامعات، و"إلغاء تأشيراتهم".
ردود فعل أسترالية متباينة
رفض القائم بأعمال رئيس الوزراء الأسترالي ريتشارد مارليس التعليق المباشر على الواقعة، لكنه شدد على أن حرية التعبير جزء أساسي من القيم الأسترالية، فيما أكدت وزارة الخارجية تقديم مساعدة قنصلية للمواطن الممنوع من الدخول.
واعتبر كريس مايكلسن، أستاذ القانون في جامعة غرب سيدني، أن التعديل الأول في الدستور الأمريكي لا يحمي غير المواطنين من رفض الدخول بسبب آرائهم، مضيفًا أن الحدود الأميركية تمثل "منطقة رمادية" تُستغل غالبًا لاستدعاء سلطات التحقيق والاحتجاز.
وقال: بمجرد أن تنتقد إسرائيل أو تتحدث عن حماس، تصبح مستهدفًا، مؤكدًا أن الزوار لا يتمتعون بحماية قانونية فعلية، وأن الطعن القانوني مكلف جدًا.
مثقفون يغيّرون عادات السفر
كشف صحفي أسترالي يقيم في الولايات المتحدة أن شركته نصحته بعدم اصطحاب هاتفه الذكي أثناء العودة من زيارة لأستراليا، بل إرساله بالبريد، كإجراء احترازي، كما قال الكاتب أنتوني لوينشتاين، المعروف بانتقاداته للحكومة الإسرائيلية، إنه يعرف مؤلفين ألغوا رحلات إلى الولايات المتحدة أو اختاروا المشاركة عبر الإنترنت تجنبًا للمضايقات المحتملة.
وأضاف: "هذا النمط يخلق مناخًا خانقًا، ويُفقر الحياة الفكرية داخل الولايات المتحدة، التي يبدو أنها لا ترحب بتعدد الآراء".
تأتي هذه الواقعة في ظل تصاعد الاحتجاجات الطلابية المؤيدة لفلسطين في الجامعات الأمريكية، وانتقادات واسعة للدور الأمريكي في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ويُنظر إلى معايير الدخول الأمريكية على أنها تخضع لمراقبة صارمة منذ عهد إدارة ترامب، التي عززت الربط بين الأمن القومي ومواقف الزوار السياسية، ورغم أن حرية التعبير محمية دستوريًا في الولايات المتحدة، فإن تطبيقها على غير المواطنين والزوار المؤقتين لا يزال محل جدل قانوني واسع، ويثير قلقًا متزايدًا بين الكتاب والمثقفين الدوليين.